عِيش يا أبن أدم عِيش
صباح ملىء باللا مبالاة,
أكتب اليكم و أنا أحتسى قهوتى الصباحية و هى العادة التى اكتسبتها مؤخراً
رغم أننى منذ سنتين تقريبا لم أكن اطيق طعم القهوة لمرارتها, ربما لابد أن
تصل حياتك لدرجة معينة من الحزن و المرارة حتى تستطيع ان تتحمل طعم القهوة
المر و او ربما أني صرت أحبها لأنها تذكرنى بشخص عزيز فى حياتى فأنا من
هؤلاء الذين يفقدون سماتهم الأساسية حين يحبون أحداً و يتلونون بألوانهم و
يحبون كل ما يحبوه - لا أرادياً - و ربما يكون هذا السبب أنى أستمع
لبيتهوفن الأن لأنى أفتقد شخصا يحبه. تباً لى و لتعلقى السريع و تباُ
للعابرون فى حياتى ممن يأتون لفترة من الزمن ليعطونى نشوة الأمتلاء و ثم
يرحلون من حيث ما جاءوا مع أجزاء من روحى كتبت بأسمهم للأبد تاركين سواد
فارغ مكانها.
أختص اليوم أثنان من أصدقائي لأتحدث عنهم ربما لأنى لدى الكثير لأخبرهم و لم يأتى الوقت المناسب لأقوله.
عزيزتى " ر ",
أنا بحبك. و أحب الصدفة التى عرفتنى بكِ. أنتى من أجمل الكائنات على وجه
الأرض رغم انك لا تشعرين بذلك. أحب أحاديثنا الطويلة التى نتحدث فيها عن "
خيبتنا " سوياً ثم نضحك على أنفسنا و على حظنا الهِباب. أحاديثك و مشاكلك
عمتاً تتمحور عن خوفك من ألا تكونى جيدة بالنحو الكافى و عن ثقة شبه معدومة
بنفسك اهتزت كلما قابلتى أحداً لا يراكى بالنحو الذى يجب أن يُنظر إليكى
به. لا أعلم كيف تنظرين إلى المرايا و لا ترين كم أنتى جميلة بل أنتى جميلة
الجميلات و من يرى سوى ذلك فهو أعمى البصيرة. و للأسف ما زلتى حتى الأن
تنظرين إلى نفسك بالعين المجردة و لا تتجردين من الحسيات و تنظرين إلى روحك
الخلابة حتى ترين جمال يسلب الأنفاس , جمال قوى لن تحتمله قلوبهم فستتقطع
أنفاسهم و سوف نضحك عليهم كما يضحكون منك حين تحتاجين لتلتقطى أنفاسك
أحيانا و أنتى تتحدثين. أتعلمين أن بعض العلماء يقولون أننا لم نصل بعد إلى
الشكل النهائي للتطور و ال Evolution و أن الشكل النهائي سيكون فيه
الأنسان مجرد روح و أفكار و مشاعر. كائن لا تحتمل خفته ولا جماله. أؤكد لكى
وقتها أنكى ستكونين ملكة جمال الكون .. و أبقى أقتكرينا بقى. بحبك يا بت.
عزيزى إسلام,
رغم أنى أكتب هذا بناءاً على طلب منك و لكنى أكتشفت ان لدى الكثير لأقوله
إليك. فأنت مُثقل بالهموم و الإحباط من حياة لم تعطك حقك الكافى. و لن أقول
لك أن الدنيا كده و محدش واخد حقه ولا كل الهري ده لأنى أعلم جيداً أنه
كلام فارغ لا يُريح و مجرد تبديد لحروف و أصوات. أريد أن أوعدك و أبشرك بأن
ألحياة سوف تروق و تحلى و لكنى لست ربنا و لا أرى الغيب و لو كنت من
الألهة كنت سأمنحك كل نعيم الدنيا و الأخرة لأنك كما يقولون تستاهل كل خير.
فأنت جميل على المستوى الحسى و الوجدانى. فأنت إنسان يا صديقى و هم
قليلون. تمسك بإنسانيتك و كل ما أنت عليه. كفاك ضيقاُ بحياة واهية و شكليات
إن كانت ضرورية - بالنسبة للمجتمع - فهى ليست ضرورية حقاً إذا فكرت فيها.
كل ما أستطيعه هو أن أتمنى لك راحة البال و صفاء مع النفس لأنى أرى أنك تحتاج هذا أكثر من اىشىء بمجرد النظر إلى وجهك.
و أخيراُ يا "ر" و أنت يا إسلام أحب أن أقول لكما أنه ليس بالضرورى أن
نكون كما يريدوننا أن نكون. ليس بالضرورى أن نمشى وراء القطيع و نعيش
بتصنيفاتهم للنجاح و الجمال. فنحن من خلقنا لنحيد عن القطيع. لنضع معايير
جديدة أسمى و أرقى للحياة غير الجمال الحسى و النجاح الذى يُكيّل بالمال.
دعونا نكون. فقط نكون. حتى ننتهى. فهى حياة بنت وسخة فى جميع الأحوال حتى
حينما تعطيك كل ما تريده الأن ستأخذ شيئا فى المقابل. فتباً لها و تباّ لكل
شىء. فليسقط المجتمع. و تسقط تصنيفاته. فليسقط العالم و يسقط كل شىء.
This comment has been removed by a blog administrator.
ReplyDelete