Thursday 10 April 2014

مأساة أن تكون الوغد



مأساة أن تكون الوغد. شرير الرواية. الشخص الذي يلعنه كل من قرأ القصة و لا ينوبه من تعاطفهم أي شيء. أكره أن أكون الشخص الضعيف المثير للشفقة الذي يبقى مع أحدهم لأنه يعجز عن الرحيل, الذي يتوسل إليهم ألا يتركوه لأنه لا يعرف أن يتنفس دونهم, أحتقر هذا الشخص رغم أنني كنته لمرات عديدة. مؤخراً أنحصرت كل أدواري في دور الوغد, الذي يجرح و يرحل, الذي يضع نفسه أولاً ولا ترف عينه حين يقرر أنه حان وقت إنهاء تلك القصة التي تعب كثيراً حتى تبدأ. أضحى الرحيل أبسط من التنفس. أحياناً أرحل فقط من أجل لحظة الإنتشاء بالحرية التي تليه أو من لأجل البحث عن بداية جديدة أشد تشويقاً.
كنت على تصالح تام مع دور الوغد حتى قابلتها. فكرة أن تجد شخص يجعلك تريد أن تكون شخصاً أفضل من أجلهم, أن تكون وغداً لطيفاً يفكر في كلماته و أفعاله قبل أن يقولها أو يفعلها حتى لا تعود بالسوء عليها أو تجرحها. أنتهى بي الأمر بأن انقسمت إلى شخصان في عراك دائم, شخص كل همه نفسه و آخر كل همه هي, و رويداً رويداً بدأ الوغد الكامن بداخلي بالتحول إلى الضحية, بدأ الوغد يقدم تنازلات و يعتذر على أخطاء لم يرتكبها و يؤنب نفسه و يتمنى لو أن يرجع بالزمن من أجل أن يسحب كلمة ما قالها فضايقتها.
كان الوغد على وشك أن يكتمل تحوله إلى ضحية أليفة حين أستيقظت يوماً ما فزعاً بسبب كابوس من حياة سابقة. أستيقظ الوغد بداخلي خوفاً من أن تعود أيام البكاء و الضعف. أخبرتها أنني سأرحل دون إبداء أي أسباب. بكت و ترجت و ظل وجهي جامداً بالرغم من أنه لم يكن هناك شيئاً يفتك بي و يقطع أوصالي أكثر من بكائها. كلما زاد توسلها كلما تمسكت أكثر بفكرة الرحيل. لم أستطع أن أشرح لها أنه ليس خطئها و أنني فقط أرحل لأني حقاً أحببتها, و أن حبها كان بمثابة الترياق الذي عالج الوغد الذي بداخلي و كنت على وشك التحول إلى شخصي الطبيعي القديم الذي يحب بكل ما أوتي من قوة و يعطي دون حدود حتى لا يبقى له شيء, فيتحول إلى كائن ضعيف يعيش فقط على إهتمامها و وجودها, شخص ستكرهه هي مع مرور الوقت لهشاشته و إحتياجه الدائم لها, شخصاً من الوارد جداً أن تريد هي أن ترحل عنه, ترحل و تكسر قلبه فيبدأ هو بكرهها و لومها مع الأيام, شخص سيدفع قلب رقيق مثلها لأن يتحول إلى وغد مثلي. وغد رحل فقط لأنه لم يتحمل إحتمالية رحيلها هي عنه و كرهها. لم أتحمل فكرة أن أكرهها يوماً ما, فكرت أن أكون أنا الوغد مرة أخرى من أجلها و أكرهني أنا الآن بدلاً من أن أكرهها هي لاحقاً. فـكُره الذات هو شيء أستطيع أن أقوم به على أكمل وجه.


أنا أبتليت بالغرام,
و الفكر تاه مني.