Friday 11 January 2013

بعد نهاية العالم .. بشوية

 يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
الزمن : بعد قيام القيامة بعشر أيام
المكان: مكان ما بين السماوات و الأرض
مشهد داخلى او خارجى لا يهم فكل ما كان بالداخل صار خارج و العكس صحيح
 
فيما يلى تسجيل مع أحد الملائكة و هو من الأطباء الذين حضروا الواقعة يوم القيامة و ايضا المشرفين على مراقبتهم . ولا تسألونى من هم فهذا سبب كل هذه التحقيقات حتى نعرف من هم. و نعرف كيف نتجنب وجودهم فى الحياة البشرية القادمة
      أبدأ تحقيقاتى معه و أطلب منه بمنتهى البساطة أن يحكى كل ما رأى و سمع و يخبرنى بكل و يعرفه و اى تفاصيل مهمة و غير مهمة فى وجهة نظره و تكون إجابته كالأتى
 
كنا فى نصف اليوم و الكل منشغل بحاله يبحث عن مبررات لأخطائه فأنت تعلم يا سيدى البشر أخطائهم كثيرة و مبرراتهم أكثر . وقفت من بعيد أتأملهم و أستمع لما يحدثوا نفسهم به  و كيف يصور لهم غبائهم أنه من الممكن أن يقنعونا بتبرير ما غير صحيح فقط لأنهم يصدقوه .
 البشر جنس عجيب يا سيدى لم أفهمهم قط و لم أحدد انطباعى عنهم إلى الأن فأحيانا تذهلنى تناقضاتهم و تنوعهم و كيف كلهم سلالة واحدة و تختلف أشكالهم و طباعهم و أحيان أخرى أتقزز من غبائهم و خياناتهم و إصرارهم معظم الوقت على النزول من مكانهتم الروحانية و الوجدانية إلى مرتبة حيوان تسوقه شهوته , لن أطيل عليك فى رأيى بهم فهو لا يهم فى جميع الأحوال فهم خلقوا لسبب ما أكبر من أن يستوعبه عقلى. المهم, فى وسط أنشغالهم بالتفكير فجأة هدأ صوت أفكارهم و بعد بضع ثوانى عرفت لم. رأيتهم من بعيد يترأسون نسلهم. ليليث و لوسيفر و يتبعهم أولادهم. لا زالت ليليث ساحرة كما كانت قبل هروبها من الجنة. لا بل زاد جمالها و رونقها و بجانبها ها هو ابليس حبيبها, هادىء و يكسو وجهه تعبير يخلو من اى تعبير. لو كنت أعرف الكره و الحسد لكرهته و حسدته على جرأته و عليها أيضا - يسكت لوهلة و كأنه يدرك أنه حاد عن الموضوع و تكلم أكثر مما ينبغى ثم يلبس أبتسامته مرة أخرى و يكمل - مررت بعينى أتفحص نسلهم الذى طالما أقنعونا انهم المستذئبين او مصاصى الدماء و لكننى وجدتهم بشر عاديين مثل هؤلاء الذين حكيت عنهم منذ قليل. ليسوا مثلهم تماما فملامحهم جامدة و حين حاولت أن اتنصت على أفكارهم لم أسمع سوى صمت متبوع بأصوات متداخلة عالية كثيرة لا تفهم منها شيئا. يمشون فى جماعة و لكن حتى فى تجمعهم وحيدون. لا تستطيع أن تغفل التفكك وسط تجمعهم. تفكك مريح بالنسبة إليهم و كأن كل واحد منهم حوله سحابة تحجز عنه الأخرون مهما أقتربوا.  هولاء هم.  من نحن هنا بسببهم . من أختاروا أن يحيدوا عن المألوف او عن القطيع كما يقولون. هؤلاء من تجرأوا و سألوا كل الأسئلة المحظورة هؤلاء من ثاروا على الأب و تحدوه. شعرت برجفة بعد هذه الفكرة و أنا أنظر إليهم لا أعلم أن كانت خوف أم أعجاب فأنا لا أفرق بين المشاعر ولا أشعر من الأساس فقط سمعت عنها فى حكايات البشر و أثناء شرودى لمحت إحدى بنات ليليث تنظر إلى و تعلو وجهها نصف أبتسامة. فُقت للحظة و أنا متحير من تجمدهم و تماسكهم فى ساعة مثل هذه . أقتربت منى و سألتنى أن كان معى قداحة لتشعل سيجارتها .. لم أستطع أن أخفى أندهاشى من طلبها هذا فى وقتنا هذا و فى هذا المكان 
متستغربنيش .. قالت
لم أرد
خلاص هستني لما أروح النار
لم أستطع ان اخفى اندهاشى و سكوتى هذه المرة كان سببه عجزى عن ايجاد رد مناسب
مكنتش أعرف ان الملايكة مبتتكلمش 
لأ بنتكلم .. قلتها بمنتهى السلاسة بعد محاولات جمة من أستجماع نفسى أمامها لأنها لسبب ما كانت ترهبنى
طب كويس ... قالت بدون اى اهتمام
 
ثم جلست تحكى مع أعمالها فى الحياة و كأنهم صديقان التقيا بعد فراق .. تضحك معهم و تعترف بأخطائها و تحتضنهم و لا تهرب منهم كما يفعل الباقون من جنسها بل و تخاف عليهم كأنهم جزأ لا يتجرأ منها
 
مر اليوم و بالطبع كان مكانهم جهنم مع أبيهم و امهم. رق قلبى لوجهها الذى هو اجمل من الملائكة التى انا منهم. جلست ألاحظها فى النار و هى تعذب كانت تجلس هادئة وسط ركن وحدها لا تصرخ و لا تطلب العفو مثل باقى البشر حولها فقط تجلس فى هدوء تحملق فى اللا شىء غير مكترثة بجلدها و لحمها اللذات يحترقان حد السقوط منها . لم أعلم ماذا أفعل معها و لكنى طلبت ان تنُقل للجنة حتى ارى رد فعلها و حتى تعترف بالعدل السماوى و ارى ابتسامتها و لكنها لدهشتى جلست فى الجنة نفس جلستها فى النار و علامات الضجر تعلو وجهها .. احترت لأمر هذا المخلوق الذى لا يكترث لجهنم و يضجر من الجنة قررت أخيرا ان اسألها .. من تكون ؟ ماذا تكون ؟ و كيف تكون ؟ 
ابتسمت نصف الأبتسامة التى تعلو وجهها دائما و هى تحدثنى ثو قالت
 
أنا لا أكون يا صديقى. انا فراغ يملأه اللا شىء . انا لا أعرف ماذا اكون او كيف اكون لأنى لم أذق من قبل طعم الكينونة . حاولت كثيرا أن اعرف ماذا أكون او ماذا أريد و دائما اجد نفسى فى دائرة الانتقاضات و الاوهام. احيانا يطلقون على أمثالى لفظ العابرون و لكنهم مخطئون فلست حتى عابرة. فالعابر ذاهب إلى مكان ما و يعبر بك فى طريقه و أنا لست ذاهبة إلى اى مكان بل لأكون صريحة ليس لدى اى مكان لأذهب إليه فأنا أنتمى للا إنتماء فأنا لست منكم ولا منهم و لست حتى منى . الحقيقة الوحيدة فى حياتى هى الشك . و الشك يا صديقى يجيبك و يوديك و يدفنك و يعريك و لا تصل معه لنهاية, لا أفهمك حين تستغربنى و أنا لست مكترثة بجلدى المحترق الألم الجسدى يا صديقى لا شىء مقارنة بنار تأكلك من داخلك و تتركك مجوف فارغ لا يملأه اى شىء سوى فراغ اكبر منه . فأنت لا تعلم كم هو مؤلم أن تعيش و انت لا تعرف سبب وجودك على وجه الحياة و فى نفس الوقت ليس لديك الشجاعة الكافية لتنهى وجودك هذا فتبقى بين البين .. بين الحياة و الموت من دون اجهزة تنفس و خراطيم .. كيان ناقص مبتور يشبه انسان مطلوب منك أن تكونه . فجأة يفقد الطعام طعمه و لا شراب يروى عطشك و يتحول التنفس الى روتين يومى تقوم به رغم انفك فيصبح مجرد الوجود حِمل يحتاج لطاقة لا تملكها فيزيد صوت ألمك الداخلى و مع الوقت تتحول الى لعنة لكل من حولك و كل شىء تلمسه و تدميرك لذاتك الذى كان يتلخص فى مجرد جروح طفيفة فى اماكن بعيدة عن عيون الناس يمتد لمن حولك ولك فلا يكون امامك الا الابتعاد و الأستسلام للا شىء الجميل و تعود الى العدم الذى جئت منه و تدخل فقعة من الفراغ و اللا مبالاة التى ليس بها باب خروج .. حتى تصير الفقعة منك و فيك وقتها فقط يتنهى الضجيج و تنتهى المشاعر المتناقضة و تتوقف. فقط تتوقف. عن ماذا ؟ عن كل شىء بداية من مجرد الوجود الى اللا نهاية
 
انتهى التسجيل  .
 
        .                            

Monday 7 January 2013

Life's a Breath.


كنا نصطاد القصائد الجيدة بصنارة أوشكت على الخرس،
كلما قرر أحدنا الانتحار نظر إليه الآخر،
أقول لصديقي بصيغة من صيغ المبالغة : الحياة صعبانة عليّ.

بالرئة ما يكفي من الغرق،
وبالعين ما يكفي من العمى،
و بنا مايكفي من كل ما لا نحب.
توقفت عن الغناء حين اختفى الهواء،
الصوت لا ينتقل في الفراغ يا ندى،
لهذا أيضا لم أعد اتصل بأصدقائي

نمشي في الطرقات
ونذبح كل المرايا التي لا نستطيع التكلم أمامها على راحتنا،
نشرخ حناجرنا بالصراخ
ونداء الله والموتى،
ثم نجلس كي نحكي الحواديت بصوت مبحوح،
وحولنا ما تبقى من المرايا.

أتذكر اقتباساتي التي أعيشها كتدريب يومي على التنفس
أحدُهم مَرّ من هنا،
أحدهم شاف هذا المُرّ.

أسألهم متى كانت آخرُ نهاية للعالم ؟
فينظرون إلى ساعاتهم المتوقفة
ويقولون لي : غدًا، أو كمان شوية


Sunday 6 January 2013

أعتراف

فى هذه اللحظة بالذات لا أعلم لم دخلت إلى تلك الكنيسة الهادئة التى لا طالما مررت أمامها فى العشرين عام الذين مضوا و لم يخطر ببالى فكرة دخولها

دخلت و لم يمنعنى الحارس و لم يسألنى إلى أين أنا ذاهبة فقط نظر الىّ نظرة طويلة لأنه لم يتعرف على كأحد رواد تلك الكنيسة و لكنه فضل الصمت و كأنما شعرى المنسدل على كتفي قد طمأنه قليلا لأنه ليس موشح بحجاب . لم أستطع أن أحدد أذا كان ينظر إلى صدرى بحثا عن صليب معلق في رقبتى حتى يطمأن كليا أن هذا هو مكانى أم أنه فقط ينظر إلى ثدياى ذا القوام الجيلاتينى .. لا أكترث له و أمضى فى طريقى إلى الباب. يقابلنى أحد خادمى الكنيسة بإبتسامة متحفزة أحدثه بأقتضاب عن رغبتى فى الأعتراف يسألنى من هو الأب الأعترافى الخاص بى أجاوب بأنى لم يسبق لى الأعتراف لذلك لا أعرف. يطلب منى الجلوس على أحد المقاعد و يذهب و هو ينظر لى نظرة الخاطى الذى يريد التوبة و ربما أنا خاطية بالفعل و لكنى لم أكن هناك لهدف التوبة و لكن فقط أردت أن أتحدث بمنتهى الصراحة لشخص حقيقى و ليس لورقه أو أنعكاسى فى المرآه. أريد أن احكى ما أخجل أن أعترف به لنفسى. سأعترف لرجل دين لست أنا عليه حتى. فأنا لست مسيحية و صحيح فى بطاقتى الشخصية ديانتى مسلمة و لكن لنكون صرحاء لا أستطيع أن أصنف نفسى كمسلمة فى هذه المرحلة التى أمر بها الان . لم أكن ابداً من هواة التصنيفات فأن تصنف نفسك و تندرج تحت تصنيف معين لابد أن تكون على يقين من أنك هذا أو ذاك و اليقين من أحد الأشياء التى ليس لها وجود فى حياتى. لا أتذكر حتى أخر مرة كنت على يقين من شىء فمنذ وقت طويل و الشك يتغذى على خبايا روحى التى لا أعلم حتى أن كان لها وجود أم هى فقط مجموعة من الهرمونات اللعينة التى بسببها أفرح و أحزن و أكتئب حد تمنى الموت الذى أخشاه أكثر من اى شىء. لم أستطع أبدا تقبل فكرة أن الموت هو التحول من وجودنا المادى الى روح تطوف الجو بحرية و سلام . الموت بالنسبة لى هو الأنتهاء و السواد الحالك و المجهول. و كم أخشى المجهول

  أجول بنظرى فى الكنيسة و أنا غير مصدقة كيف أنى لم أفكر بالدخول من قبل , أقع فى غرام الألوان و الزخارف المعمارية فهذه أحدى كنائس هليوبوليس العريقة. أقف لأتأمل مدى الصفاء و الطمأنينة فى وجه العذراء مريم و عيناها المغمضتان فى كل الصور و الرسومات و كأنما صفائها و طمأنينتها سببهما عيناها المغمضة عن قبح العالم و قسوته. أتحرك خطوتين لأقف مباشرة أمام الصليب الكبير المعلق عليه يسوع المسيح . تسرى بجسدى رجفة من محاولتى لتخيل شعوره فى هذه اللحظة , لحظة تعرف فيها أنها ربما تكون أخر لحظاتك و سوف تموت بعدها ميتة شنيعة مؤلمة. أحملق فى وجهه لأدرس تفاصيله البسيطة. وجهة ملىء بالتعبيرات و خالى منها. ترى مشاعر ألم جمة و لكنك لا تستطيع أن تغفل عن شعور الأستسلام الذى يسيطر على وجهه و جسده و كأنه يعرف أنه لا لزوم للمقاومة و أهدار بقايا طاقاته على محاولات للبقاء لن تفلح. أشعر بالشفقة عليه لمجرد تفكيرى بألامه و أتمنى لو كان رفعه الله إلى السماء حقا كما ذكر فى القرآن و لكن هذا معناه فى المسيحية أنه لم يفدينا بنفسه و لم يكفر عن خطية أدم الأولى و بذلك نظل ملعونين من أبانا الذى فى السموات بسبب خطأ جد جد جد جد أجدادنا. أين عدلك يا أبى و أنت تعاقبنى عن خطيئة أبنك الأول. تعاقبنى مرة أولى بطردى من جنتك و مرة ثانية ساعة الحساب يوم الدينونة. تعاقبنى كيف أفنيت حياتى و كيف عشتها و أنا لم أطلب منك أن أعيشها و لم أوافق على أى أتفاق ينص على أنك ستنفخ فى الحياة بشرط أن أعيشها كما تريد أنت. لِم لم تسألنى و تعطنى حق الأختيار لأرفض أن أعيش وفق قوانينك. ربما سألتنى و لكنى كنت طفلة رضيعة لم أستطع الرد. ربما أنت رحيم و عدل و عندك مبرر لكل ما أعيشه الأن و عشته و أنا ظالماك. و ربما أنت ظالم وضعتنى فى متاهة و جلبت بعض الفشار و جلست لتشاهدنى و أنا أدور حول نفسى فيها و تضحك كأنما تشاهد فيلم رومانتيك كوميدى. أشعر بخلايا مخى تنفجر فى رأسى و كأنها تنبهنى أنى عدت إلى المربع صفر و هو الشك

أجلس و كأننى أستريح من أفكارى و أتمنى لو كانت رحلتى من الشك لليقين قصيرة ككتاب مصطفى محمود الذى يحمل نفس الأسم. أسأل نفسى إلى متى سأظل فى هذه الدوامة التى تبتلعنى داخلها رويدا رويدا حينا و تعصف بى أحيانا كإعصار تسونامى فتبتلع كل ما أعرفه و تتركنى فى غربة الشك و المجهول حين اخر. يصل بى الأمر احيانا انى أشك فى وجودى فى هذا المكان فى هذه اللحظة و أشك فى كل ما أشعر نحو بعض الأشياء او الاشخاص الموجودين فى حياتى. هل حقا احب طعم الشوكولاتة ام أنه فقط يعجبنى لأنى اريدها أن تعجبنى و انى اوهم حالى انى احبها ام انها مشيئة الاله ان يعجبنا طعم الشيكولاتة. أأحببت محمد حبيبى الاول حقا ام فقط كنت قد أعتدت على وجوده ؟ هل أنا فعلا أميل للإناث  جنسيا و احبهم كما أحب المذكر بل و احيانا أفضلهم أم هذا فقط نابع من تجاربى السيئة مع الرجال و طريقتهم المبتذلة و تفضيلهم جسدى - الأقل من عادى - عن روحى و تفكيرى و كيانى بأكلمه . جسدى القبيح مقارنة بروحى التى احاول ان اسمو بها بقراءة الكتب و موسيقى موتسارت و كارل اورف. أكنت سأظل اميل لهم لو كنت نشأت فى مجتمع أخر لا تعامل فيه الانثى كثقب يتخلص فيه الرجل من كبته الجنسى  او شعوره بالنقص و الدونية فى حياته عمتا ام انى ما يطلقون عليه بان سيكشوال و هو من يقع بحب الروح و ليس الجسد فيحب الكيان أينما كان سجنه فى رجل او أمرأة .. يال الأحا عدنا للتصنيفات

الفراغ بداخلى يتسع و تزداد رغبتى و حنينى لشعور الأمتلاء فأملاه بالأشخاص و الكتب و الموسيقى و الطعام فيستع أكثر و يزداد سُعره و احتياجه و يطلب المزيد و كأنه يأكلنى أنا من الداخل حتى انتهت روحى فبدأ يأكل فى لحمى و عظامى و يشرب دمى و ينبثق من جرح قديم فى جلدى حتى يملأ كل ما حولى و يحتوينى من الخارج و أصبح أنا بداخل الفراغ . أصبح أنا فراغ داخل فراغ أكبر و لأول مرة أشعر بالأنتماء .. ابتسامة طمأنينة تعلو وجهى لثوان معدودة حتى يدركنى خوفى مرة أخرى. أسأل نفسى لو كان كل هذا فى رأسى فقط و أنى ابحث عن التعقيد و الأمور أسهل من كل هذه التعقيدات التى أعيش فيها و أتعايش معها .. ربما
 
أفيق من غيبوبتى على صوت قس أت مبتسم و يسألنى هل أنا جاهزة للأعتراف. أنظر له لثوان غير مستوعبة و تعلو صوت دقات قلبى و كأنه يدق على طبلة أذنى بوقع غير منتظم ثم أقبل يده و أنا أسحب حقيبة  يدى و أقول : مرة تانية يا أبونا
 و أهرول نحو باب الخروج
           

Tuesday 1 January 2013

كل سنة و أنتم طيبين .. و يا ريت لو فى شوية ناس يحاولوا يبقوا أطيب

شىء حزين أنى لا أشعر بحلاوة عام جديد و أحساس الصفحة البيضاء الذى طالما يصاحب البدايات فتملأها بأمنياتك و أهدافك للعام الجديد. جئت بورقة بيضاء و قلم و جلست لأكتب ما أريد أن أحققه هذا العام. مرت نصف ساعة و أنا أحدق فى الورقة البيضاء و كل ما كتبته هو بعض الورود التى ارسمها تلقائيا كلما وجد قلم طريقه إلى يدى و حرف M و لم أكتب أى شىء أخر. أكتشفت أنى بالفعل لا أرغب بأى شىء هذا العام ليس زهداً من الحياة و لكن حماية لنفسى من خيبة الأمل التى تصاحب التوقعات. ما أشبه اليوم بالبارحة. يوم 1 يناير هو نفس 31 ديسمبر فى العام الذى يسبقه كلاهما ثقيل على قلبى. تشابهت البدايات بالنهايات عندى و صرت لا أبالى بما بينهما.
كيف أتمنى عام سعيد لنفسى و أنا لا زلت أعيش ببلد يحكمه تجار الدين. بلد يقتل فيه الجيران بعضهم بأسم الدين. بلد كبت الحريات و قمع الأراء. بلد تلزمنى أن أقف أمام المرآه يوميا لأرى أذا كانت ملابسى ستستفز أحد المكبوتين جنسياً للتحرش بى أم لا و يكون هو المعذور فى النهاية و يقولوا " هى أيه اللى لبسها كده " و " هى اللى عايزة الناس تبصلها " . بلد أخاف كلما أقترب منى أحدهم فى الشارع و أمشى فى شوارعها مذعورة. بلد تنقص منى لمجرد أنى أمرأة و لا تعاملنى كأنسان كامل. فأنا من بلاد القهر و الجهل.
شعور بالغربة لا يفارقنى. لا هذا ليس مكانى و لا هذه حياتى و لا هذه أنا. لا أنتمى لهذه البلد ولا لأى بلد أخرى. لا أنتمى إليهم ولا إليكم و لا حتى إلى نفسى. صرت أنتمى للا إنتماء. وطنى الوحيد هو بين صفحات كتاب أشعر فيه أن هناك من عاش نفس معاناتى و فكر نفس الأفكار و مر بنفس المواقف.
نحن جيل مشوه نفسياً. نعيش أسوأ فترات أزمة الهوية. محشورين فى منطقة البين بين و لا نصل لأى بر أبداً. تخبط و أنكسار ولا مبالاة و تدمير الذات أراهم فى كل من حولى. فقدنا شىء و لا نعلم ما هو. أعتدنا الفراغ الداخلى و ثقوب الروح. أعتدنا الأحساس بالنقصان و غياب شىء لن يرجع ابداً. أحتل الشك مكان اليقين و اليأس مكان الأمل و الضياع مكان الإيمان ربما سينصلح الحال يوما .. ربما ..
محتاجين نتحضن أكتر من كده و يتقالنا من حد بنصدقه أن بكره هيبقى أحسن .. محتاجين كنبة و بطانية و فيلم لفؤاد المهندس .. محتاجين نرجع للحاجات البسيطة .. محتاجين نبقى خُفاف أكتر من كده .. محتاجين نبقى بنى آدمين أكتر من كده و ساعتها بس هتبقى بداية سنة جديدة حاجة كويسة ..