Tuesday 22 October 2013

رسالة إلى كاتب مجهول


عزيزي

لا أعلم لم أكتب هذا الخطاب و لكنني كنت عاجزة عن الكتابة لفترة ليست بـوجيزة و لسبب ما شعرت أنني في حاجة لأكتب إليك. أود أن أسألك عن حالك و عن جديدك و لكني لا أعرف قديمك و لست في حالة تسمح لي لأهتم بالسؤال عنه. أنا مرهقة, كانت ليلتي طويلة, قضيتها في قراءة قليلاً من كتاباتك و تدخين ما تبقى من علبة سجائر بالمنتول أحتفظ بها لليال خريفية مثل هذه حين يأتي الحنين على ما تبقى مني.  أمضيت الكثير من وقتي مؤخراً و أنا أقرأ عن أناييس نين, لسبب ما أشعر بأنها تكتبني, فأنا و هي تجرعنا من نفس الكأس المليئة بالشغف اللا محدود, شيء خفي يدفعنا لطلب المزيد, ليس هناك ما يشبع جوعنا للحياة, و ربما هذا سبب كتابتي لك, فبعد أن قرأت لك, ذكرتني كثيراً بعشيقها الشهير, هنري ميلر, فأنت وقح مثله في تعبيراتك و وصفك , تجرد الجنس من أي خجل أو حياء, و تنعت أعضاء شخصياتك الحميمة بأقذر المسميات, تتعدى كل حد أو تابو وضعه المجتمع بخطى واثقة دون أدنى اكتراث. لا تسيء فهمي, فأنا لا أسرد عليك كل هذا كـعيوب, بل أوضح سبب تشبيهي لك به

هنري ميلر, إن كنت لا تعرفه, هو من أخذ بـيد أناييس نين و عبر بها كل الحدود الجنسية, هو من أضرم بها نيران الحياة, قبله كانت طفلة خجولة, فقد ذكر في إحدى كتاباته أنه هو من جعلها إمرأة, و أوافقه في ذلك, فكلما قرأت  لها قبله تأكدت من تأثيره عليها, و أنت يا عزيزي, هنري ميلر الخاص بي على هذه الصفحة, اليوم و الآن, على هذه الصفحة سأتحول إلي إمرأة جديدة علي يديك. ستحرر ذلك الجزء التي ربتني أمي و مجتمعي على كبته, ستحررني مني و من حدودي, سنصنع آلة سفر عبر الزمن إثر التحام جسدينا, ستأخذنا إلى زقاق مظلم خلف البار الذي غنت فيه بيلي هوليداي عن الحب الذي لم تعرفه يوماً قبل شهرتها, ستمارس الجنس معي على نغمات الجاز المفضلة لي و قبلاتك التي تفوح منها رائحة الويسكي و كل النساء التي كنت معهم قبلي, سأمانع في البداية و لكنك ستلفظ نفس الجملة التي تلاها هنري ميلر على مسامع أناييس حين أراد أن يمارس معها الجنس بأحدى أزقة باريس و حين مانعت قال لها
"Let me undress you, vulgarize you a bit"
و لكنك ستقولها لي بلغة فاحشة أخجل أن أذكرها هنا, و سأتركك تفعل ما تشاء بي لأني أردت هذا لمدة طويلة, أردت شخصاً أن يسحبني خارج دائرتي و يجردني من كل شيء, بداية بملابسي وصولاً إلى شخصيتي الإزدواجية التي ترفض أن أكون سعيدة بأي شيء. أنا لست بائسة يا حبيبي, و لكني غير راضية بشكل عام, فأنا أريد كل شيء, نصفي يريد المنزل, و الزوج المحترم ذو الدخل الثابت و السيارة و طفلان, أأمل أن يكون احداهم بنت, أريد أن أطبخ و أصنع أطباق المعكرونة و التشيز كيك ليتناولها زوجي و أصدقائه في تجمعهم الإسبوعي بمنزلنا, يريد الحياة الهادئة المستقرة, و نصفي الآخر يمقت هذه المرأة و حياتها, و ينظر لها شذراً حين يقابلها عند الكوافير و هي محتارة عم تفعل لتصير أحلى في عين زوجها الذي يمارس معها الجنس مرة كل إسبوع في نفس الوضع لمدة نصف ساعة ثم يحتضنها و يقول لها أنه يحبها قبل أن يغط في النوم حتى لا تشك أنه يخونها أو فقد إهتمامه بها. نصف آخر يريد الحرية و الفرص التي ليس لها حد, نصف لا يريد أن يملك أحداً و لا أن يملكه أحد, نصف يريد السهر حتى الصباح و تدخين الحشيشة في الشرفة على أنغام إيديث بياف و هو يقرأ ديوان جمال كافر للشاعر - مهندس العالم حقاً - عماد أبو صالح للمرة الخمسين. جزء يريد أن يرقص معك في إحدي البارات و يشعر بيدك تجتاح كل أجزاءه المحرمة على نغمات الترانس قبل أن يسحبك إلى أقرب حمام و يطلب منك أن تمتلكه للساعة القادمة و تفعل به ما شئت, سأرفع رايات صديرتي البيضاء و أستسلم ليديك التي تعبث بكل أجزائي. سأفيق من نشوة هذا اللقاء, لأجدنا على إحدى شواطيء نويبع, عراة, لأنه على حد قولك, لا وقت لدينا لنضيعه, أسألك لم لا نستطيع أن نبقى هنا للأبد, نأكل النجوم و نشرب مياه شهوتنا, لا ترد و تكتفي بأن تغوص بوجهك بين فخذي, نعم, أعرف ما تكتبه بلسانك على شفتاي السفلتين, هذا اقتباسي المفضل لميلان كونديرا, فقط هو يفعل بي هذا, فقط هو يحول صرخاتي إلي كونشيرتو الهارب و الفلوت الخاص بموتسارت, نعم, هو
لا أدري كم مر من الوقت و لكني أنبهك بأننا تأخرنا على ميعادنا مع موراكامي و قطه المتكلم الذي يفزع من صديقنا الثالث, جوني واكر, ولا يريد أن يغفر له محاولته لأخذ روحه ليصنع منها بوق الخلود, و تنتقم أنت للقط كل مرة من عدوه واكر و أنت تشير إلى شفتاي السفليتين و أنت تقول أنك وجدت بوق الخلود الخاص بك في الحين الذي فشل هو في ذلك. ستقرر أن نتخلف عن ميعادنا معه لأنك تريد أن "نلف سيجارتين" و تحكي لي عن أن أول ذكرى لك كانت و عمرك لا يزال سنتان عن أمرأتان لا تستطيع أن تتذكر ملامحهن مهما حاولت يقبلان بعضعن بشغف لم تر مثيل له, ولا تستطيع أن تفهم كيف أنك تتذكر ذلك, سأخبرك عن تلك المرأة التي كان أبي يخون أمي معها و لكني لم أنطق بكلمة عن الموضوع رغم صغري حتى لا أفتعل مشكلة كبيرة, سأخبرك, حين تبدأ في النوم, أنه ربما, في عالم موازي, كان نصفي الآخر, الرتيب, سيرغب فيك أيضاً, لتكون أنت الزوج الذي أطبخ له طبقه المفضل في الثانية صباحاً, عارية, لأشاركه في حمام دافيء, نسافر فيه في رحلة غرام أخري, قبل أن نتناول ما طبخت على السرير أمام فيلمك المفضل, سأخبرك بكل شيء أحتفظت به لنفسي لوقت طويل, ستكون أنت الأب الإعترافي الخاص بي في هذه اللحظة و سأطلب منك أن تمحو عني آثامي لأقوم من بين ذراعيك, جديدة, طاهرة, بريئة كما ولدتني أمي. سأحكي كل شيء, و ستسامحني على كل شيء, و خصوصاُ حقيقة أنك تعرف أنك ستستيقظ في الصباح لتجدني تركتك و رحلت

مودتي الوقتية   

No comments:

Post a Comment