Friday 25 October 2013

قليلاً من الدفء و كثيراً من الغدر

قليل من الدفء و الكثير من قبلات تُطبع على راحة يدي كافيان لبعث الطمأنينة في قلب صدأ. قُبلة فرنسية تصيبني بدوار مثل ذاك الذي يصيب صائم يتناول سيجارته الأولى بعد غروب الشمس. ريق عذب بطعم البيرة و خيبة الأمل, و شهوة تخترق رائحتها أنف أشتاقت لرائحة القهوة الصباحية معك بعد ليلة حُب طويلة. كم أشتقت إليك يا حُب, لعطرك الذي كان يطاردني في أجساد من عرفتهم بعدك, لتفاصيلك التي كانت تلتهمني في ليالي أكتوبر و أيامه و هي تفتح أبواب الحنين و أقف هشة أمام جارف من الذكريات و الوعود. مرت سنوات و بقيت عاجزة عن نسيانك, أو بمعنى اصح, نسيان ما كان بيننا. أبحثت عني مثلما بحثت عنك في وجوه العابرين و محطمي قلوب المراهقات؟ أبكيتني مثلما بكيتك في أحضان غرباء ألقيت نفسك فيها هرباً من ذكرياتنا؟ هل تشعر بقلبك ينكمش داخل قفص صدري, كانت تسكنه الورود و بات كهف لخفافيش و رغبات مكبوتة, كلما مررت بمكان قبلتنا الأولى؟ هل تذكر قبلتنا الأولى و لا زالت عيناك تلمع حين تتحدث عنها؟ هل لازلت تتحدث عنها بالأساس؟ لا يهم كل هذا حالياً, فأنت هنا الآن و سنعوض كل الوقت الذي ضاع منا, ستمحو اثار الزمن عن جسدي بقبلاتك التي ستنثرها على جسدي مثلما تنثر الملائكة الخير في العالم, ستقبلني قُبلة عن كل يوم غبته, بدءاً من أصابع قدمي التي أكرهها حتى جبيني. لقد غبت عني حوالي تسعمائة و ثلاثون قُبلة.  لن أتخلى عن أيهم. أطبع قبلات علي يدي. و جبيني. و رقبتي. بل أكثر من القبلات علي رقبتي. فقد كان حنينها إليك أقسي من باقي أجزائي. كانت نسمة صيفية هادئة محملة بعطرك من بلاد الغياب كافية لإشعال النيران في خلايا جلدها. قبلها يا حبيبي. قل لها أنك هنا. أعد إليها الإحساس. قبلها بعنف. أترك أثارك عليها. أريد شيئاً مرئي أواجهها به في الصباح و أنا أغسل أسناني أمام المرآة التي واجهتني بوحدتى من بعدك ليال طويلة

أنا مستسلمة لك. أفعل بي ما تشاء. تسعمائة و ثلاثون يوم من التعب. من الإرهاق الذي لا يزول. أريدك. أريدك. أريدك. أشتقت إليك. لوجودك الملموس. لرائحة جسدك. للحرارة التي تنبعث منك حين تقترب مني فتُحِدْ من رائحة عطرك فيغمرني حضورك. للشعيرات القليلة التي تتناثر بلا مبالاة على صدرك. لشفتاك المكتنزتان و هي تلتهم شفتاي. قبلني يا حبيبي. ذكرني كيف كنت أتنفس قبل رحيلك. علمني كيف أخرج مني زفير كتمته لأنه كان آخر ما تنفسته فيّ في آخر لقاء لنا الذي لم أكن أتوقع أبدأً أنه سيكون آخر مرة أشعر بأصابعك الدقيقة تداعب بشرتي التي تعشق نعومتها. مستسلمة ليديك و هم يحكمان قبضتهما على معصمي, ذراعاي فوق رأسي. ظهري للحائط. جلدك يلامس جلدي. أتنفس زفيرك. عيناك تخترقاني مثلما تفعل دائماً.  أنت وحدك. أو ربما أنا أخلع عني كل أقنعتي أمامك فقط لأتحول مرة أخرى لصغيرة, كبرت على يدك. نسيت كل ما تعلمته خلال تسعمائة و ثلاثون يوماً. لا تريد سواك. و لا تعرف أي شيء سوى حروف أسمك و كلمة " حاضر " كما علمتها. طفلة. عارية. خاوية. غبية. طفلة كنت أنت كل مسلمات حياتها. لتسعمائة و ثلاثون يوم, دنستها بصمات أصابعك على جسدها. طاردتها. دفعتها إلى أحضان آخرون علهم يمسحون أثارك من عليها. دفعتها إلى أحضان من تعتقده صديقك الأقرب, تركته يأخذ مثلما أخذت منها حتى يضحك بينه و بين نفسه كلما رآك لأنه رأى صديقتك السابقة عارية و ذهب حيث ذهبت أنت. نعم إنتقام أبله, لأنها عرفت على يده لأول مرة معنى أن يشتهي أحد جسدها فقط, ألا يكترث لأمرها, أنت تنظر في عينيه فتجد شهوة خالصة خالية من أي حب. لأول مرة شعرت بمعني أن تكون رخيصة, أداة تُستعمل و تُستهلك ثم تترك بكل سهولة. مثلما فعلت أنت. و كونك فعلت هذا بكل حُب و هو فعله بكل شهوة يجعل ذنبك أشد قبحاً. ذاك اليوم أنزلقت صغيرتك في هوة الإنحدار و تلقفتها ذراعي ذاك الشهواني المتزوج الذي أخذ ما أخذه منها في سيارة مركونة بإحدى الشوارع الجانبية و ذلك الصديق الذي يحبها فقط وقتما يحب أن يستعرض أمام أصدقائه التافهين صاحبته الجميلة. و أسوأ من ذلك بكثير, و هي مستسلمة تماماً, تتابع سقوطها كشخص آخر, شخص عاجز,  شخص توقف عقارب حياته يوم رحلت أنت

 أراهن أنك لا تعرف كم مغري السقوط,  جاذبية الإنحدار التي لا تقاوم, حرية أن تكون قذر, رخيص, بلا أخلاق, بلا مبادىء, حر من أي طموح أو مستقبل. لا أعتقد أنك ستفهم إلى أين ذهب بها كل هذا, ولا أعتقد أنك توقفت للحظة لتفكر في عواقب رحيلك, لتفكر عن كم الأذى المتوقع أن يلحق بصغيرتك التي ضيقت مساحتها, حتى لا يكون لها أي شخص غيرك إثر رحيلك الغير مبرر, أعلم أن كل هذا لم يمر على عقلك المحدود الذي لم و لن يحتوي لا نهائيتي, فأنت لا تفكر سوى في نفسك. أفيق من غيبوبة أفكاري و أفتح عيناي لأجدك, تنظر إلي بكل حًب, و تقبلني كما طلبت منك, و تعد بصوت مسموع, مائتان  واحد و أربعون, تعض أذني اليمني و تهمس لي أنك تشعر بأنك بعثت للحياة من جديد, بين فخذاي, و كأني ولدتك من جديد, تقول لي أنني أمك, و أختك, و حبيبتك و كل ما تبقى لك من هذه الدنيا, تعتذر و تعتذر و تعتذر و تهمس شيئاً عن الظروف و إنك أضطررت, و شيئاً آخر عن إنك لن تتركني أبداً و أنك تغفر لي كل تغيراتي أثناء غيابك, تغفر لي لون شعري الجديد الذي تكرهه, و طريقة كلامي البذيئة أمام الناس, و التي يجب أن تكون بيني و بينك فقط, تحب بذائتي في أحضانك و لكن ليس من الضروري أن يعرفها الناس, و بالطبع سأقلع عن التدخين, و سأتوقف عن إرتداء الفساتين القصيرة ذات الورود التي أحبها, و سأتوقف عن و عن و عن و عن,,

 صوت جيتار يتبعه رشيد طه و هو يغني فُقت فُقت

صغيرة تدفع مغفل محدود خارجها

  حرفياً و معنويا

  ترتدي فستان يصل إلى ركبتها منقوش بورود ربيعية و تحرر شعرها من ذيل الحصان
( الطريقة التي كان يحبها أن تصفف شعرها بها)

  
ترحل عنه دون رجعة

دون أن تقول كلمة

تتناسي سروالها الداخلي في شقته

لأنها أرادت أن تترك له جزء من كبتها

و لأنها, في أعماقها, كانت تريد أن تُقبل 

نسمات الحرية

بشفتيها السفليتين


تمت


1 comment: