Friday 24 May 2013

تصوُّف

" الحُب منك و إليك "

كعادتي كلما تضاربت المشاعر بداخلى أسكبها كلها منى على ورقة حتى أقرأها و أعرف ما يدور بداخلى. أعرف أن قلبى كاد أن ينفجر من قدر الجمال و المحبة التى كانت تحاوطه من كل إتجاه, صوت عامر التوني الجهور و هو يصدح بحب الله, يغنّي لله و للمحبة و للعشق الإلهي و درويشه و هو يدور حول نفسه ليخرج من مدار هذا الكون و يتحول لذرات من عدم تهيم فى ملكوت الحُب, و رائحة عِطر تبعث في الطمأنينة لأنها تدل على أن أحد القلوب المليئة بالمحبة على بُعد خطوات منى.
إبتسامة بلهاء تعلو وجهي طوال التسعون دقيقة التى كان يغني فيها عن الحُب بصوته الأكثر من رائع, و كلما غنى فى حب الله كلما أتسعت إبتسامتى حتى كادت تسِع كل الحضور.
أكتشفت يومها سبب تعلُقي بالصوفية, لأنها فى حد ذاتها تتحدث عن الحب الصافي , الحب الذى لا يتخلله حِقد ولا ملل ولا يريد شيئاً فى المقابل, همست فى أذنه و قُلت: أعلم الآن سبب فشل علاقاتي السابقة, لأني دائما ما أحبهم بهذا القدر الذي يغني هذا المُنشد عنه. تأليه من أحبهم عادتي السيئة التى أقع فيها كل مرة, أحولها لآلهه و أنتظر منهم أن يتصرفوا على هذا الأساس, و أرضي بحكمهم بالجنة أو النار بنفس مَرضيّة, أتعبد لهم و أتمسك بهم حتى لو أشاحوا بوجههم عني طمعاً في جنتهم يوماً ما, لا أحاول أن أفهم كل مببراتهم لما يفعلوه معي و أتقبله كأنه أمر إلهي لا جدال فيه و أدور حول نفسي كالدراويش و أنا أردد " يا قلب أنت وعدتنى فى حبهم صبراً فحاذر أن تضيق و تضجرا " حتى أسقط من التعب و أنا أنتظر حتي يلقوا لي بشىء ما, بكِلمة أو علامة تقول بأنه مازال لي مكان فى جنتهم.
حان الوقت لأتذكر أنهم بشر, مثلهم مثلى, ليسوا أفضل منى بشىء سوى حبي لهم, حبي لهم هو ما يميزهم عن غيرهم. حان الوقت لأتوقف عن التصوف فى حُب بشر عجزوا عن أن يحبونى حُب إنساني.
سَقَاني الهَوى كَأسًا مِن الحُبِّ صَافِيًا, فَيَـــا لَيْتَه لَمَّا سَقَاني سَــــــقَاكُمُ , دائما ما أشرب كأس العشق وحدي و حقاً مللت من إحساس البؤس المُصاحب للسُكر وحدي, دائما ما أتجرع زجاجة العشق كلها وحدي, و كما نري فى الأفلام عندما يشرب شخص ما وحده فإنه فى الغالب ينتحر أو يؤذي حاله بعدها.
روحي مؤخراً أصبحت فى حالة تأهب دائم, كلما أقترب مني شخص ما و شعرب بألفة نحوه وجدتها تقف فى وضع إستعداد لمشاجرة جسدية, قلبى في يدي أعتصره في قبضة يدي اليسري و هى مرفوعة أمام وجهي و يدي اليمنى أمامها تحميها, قبضتا يدي متأهبتان للنزاع و الدفاع عن هذا القلب الذى لا زال ما تبقي منه ملىء الحب رغم كل شىء, و متمسك بالجمال و النصف الجميل من كل شىء, و لكني دائماّ صرت متأهبة للحرب, و كأن الحب ساحة معركة و ليس جنة كلها جمال و قلوب مليئة محبة و تقبل و سأظل هكذا حتي يأتي إليّ هو, المنتظر الذي لم أتبين ملامحه بعد, ليمسك بقبضتا يدي المستعدتان لتسديد اللكمات لمن يحاول الأقتراب, يفتحهما, ليحرر قلبي من بين يدي و يتركه ليهيم حباً, و يطبع قٌبلة على راحة يدي, قُبلة طمأنينة تقول أن كل شىء سيكون على ما يرام, كل شىء سيكون بخير, و تصير راحة يدي التى كانت مليئة بجروح تشبثي بكل قريب أراد أن يتركني و يرحل مليئة بالقُبل و الورود, لم أعد قادرة على أن أغلق راحة يدي على نفسها مرة أخري , صارت دائماُ مفتوحة , و الورود التي سيزرعها فيها بشفتيه ستتبع نوره أينما ذهب. مولاي إني ببابك قد بسطت يدي, فمن لي ألوذ بِه إلاك يا سندي ؟

2 comments:

  1. من قال ان الحب ساحة معركة؟
    أعتقد ان هناك خلط بين الحب والعلاقات وما يتبعها من أشكال مختلفة ومتباينة ومتداخلة من الصراع

    ReplyDelete