Thursday 9 May 2013

وقفنا الشعور, وقفنا العواطف و خصوصى الحنين.

أجد نفسى فى سريره مرة ثالثة. لا أعلم حقاً لماذا و لكنى إستيقظت مبكراً و دعانى هو أن آتى لنتناول الفطار سوياً "  و ممكن نكمل نوم  فى حضن بعض و إحنا بنسمع مزيكا حلوة " على حد قوله. الساعة لا تزال السادسة و النصف صباحاً و أنا أقف عارية أمام مرايتى, أتفحص جسدى و بعض الشعيرات القليلة التى عادت لتنمو فى أنحاء متفرقة. أبدأ فى إزالة شعر جسدى الظاهر و أنا أحاول أن أكذب على نفسى و أتحجج بأنى أفعل ذلك لأنى سأرتدى ملابس صيفية و ليس لما قد يحدث بينى و بينه. أسأل نفسى مم أنا خائفة , بينما أحدق فى جسدى الذى بدأت ملامح بشرته الشبيهة ببشرة الأطفال تظهر و أشعر بهشاشته و ضعفه, لا أعلم إن كنت أحبه أم أكرهه كجسد فقط خالى من أى روح, علاقتى بجسدى مضطربة جداً, بشعراته القليلة التى أنزعها عنى بمنتهى العنف كأنى أستمتع بإيلامي و أرى قطرات دماء صغيرة تظهر من جراء ساديتى مع نفسى , ثم أمر بأصابعى على الخطوط البيضاء التى على بطنى و جانبى ردفاي  و التى تدل على إزدياد و فقدان الوزن بشكل متكرر و أتخيلها الفتحات التى إنسل منها الراحلون الذين سكنوا روحى لفترة مؤقتة و ذهبوا بلا رجعة. لا , لا دخل لروحى بهذا الأن, فأنا مجرد جسد فانى, أريد أن أكون جسد, يشتهى و يثور و يحتاج. أريد أن أبرأ من خوفى من أن يقترب أحد منى , أريد أن تخاف روحى و تبتعد كلما أقتربت روح منها والعكس لجسدى, سأحاول, نعم سأكون مثل الجميع, مللت من أن أكون مختلفة , أريد أن أكون حيوانية و أختزل مشاعرى فى الجوع و الشهوة مثل صديقى الآخر. أعلم أنى لن أستطيع أن أكون هكذا كلياً و لكنى سأحاول على الأقل

أرتدى ملابس بسيطة و مريحة و أربط شعرى على هيئة ذيل حصان و أتعطر و أدهن بشرتى بلوشن برائحة الفانيلا. أشعر بثقتى فى نفسى و جسدى ترتفع قليلاً و أذهب لمقابلته. يحيينى بقبلة على جبينى و حضن دام دقيقة, جو الغرفة مشجع على الحب, موسيقى جميلة تنبعث من مكان ما بالغرفة و الشمس تنسل من بين الستائر الأرجوانية, أم كانت برتقالية اللون, لا أتذكر . خلعت عنى حذائي و أستلقيت على السرير و قلت فى نفسى " ها أنا فى سريره للمرة الثالثة, ها أنا أحدق فى سقف حجرته مرة ثالثة, ها هو مستلقى بجانبى مرة أخرى و رائحة مسحوق الغسيل التى تنبعث مما يرتديه تتسلل إلى أنفى مرة أخرى " يفتح ذراعه لى فأقترب ليطوقنى بذراعه و أريح رأسى على صدره. نجلس فى صمت لمدة لا أعلم إن كانت قصيرة أم طويلة, ثم أشعر بأصابعه على شفتاي, لاأعلم ماذا يفعل فإن أصابعه تمتد إلى داخل فمى, أنظر إليه فى ذعر , فيضحك و يقول لى لا تقلقى , أنا لا أنوى أن أغتصبك, فقط أريد أن آخذ هذه العلكة التى تمضغيها فقد أثارت أعصابي, أبتسم فى طمأنينة و أفتح فمى, يقترب منى و أشعر برطوبة شفاه و لسانه على فمى و إذا به يلتقط العلكة من بين شفتاي بفمه و يمضعها لدقيقة ثم يطبع قبلة على فمى و يلقيها فى منفضة السجائر التى بجانبه و يعود ليطوقنى بذراعه مرة أخرى. يغمض عيناه و يبدو على ملامحه كم هو مستمتع بصوت فيروز و هى تغنى

تبقى ميّل تبقى إسأل
متل الأول ضل إسأل
الله لا يشغلك بال
وديلى منك مرسال
إسأل إسأل     

أتابعه فى صمت بإبتسامة خفيفة تعلو وجهى. حقاً لا أعلم شعورى تجاهه, لا أعلم إن كان حتى يعجبنى كشخص ليس حتى كحبيب, أعلم تماماً أنه ليس حبيب و لن يكون و يتلخص جماله فى هذه النقطة, أنه لن يحدث معه أى شىء بعد هذه اللحظة, سعادتى معه وقتية جداً, هذا إن أطلقنا عليها سعادة, ترددى عليه هو نوع من الهروب من الواقع, من واقعى , منها, و من أمى , و من مسؤؤلياتى و من نفسى قبل كل شىء,  فمعه أتصرف كشخص آخر, أفعل كل ما لا أجرأ على فعله و كل ما أكره فعله أو أخشى فعله, أعطيه أجزاء منى لا أحتاجها أو لا أريدها, لا أعلم, لا أشعر أنى أعطيه أى شىء رغم إنى أتركه يعبث بجسدى الذى منعته على كل من أقترب و أراد أن يأخذ ما يقدر عليه, ربما لأنه لا يهتم إن أخذ أو لم يأخذ, ربما لأنه لم يحاول خداعى و يقنعنى بأنه يحبنى أو الأسوأ بأن يطلب منى أن ندخل فى علاقة جنسية بحتة و يشيد بقدراته الجنسية و إننى سأستمتع, فقد جاء كل شىء معه بسلاسة, و بكل حميمية , آه كم أفتقد الحميمية فى حياتى, أكره الجنس و أكره حيوانيته و أرى أن الحميمية تليق بإنسانيتى أكثر, أحب القبلات الحنونة التى تطبع على يدى و جبينى, و أن يقبلنى قبلات كثيرة كأن بشفتاي نهر الخلود, أن يريدنى أنا , فقط أنا, و لا يكون مثل جميع الرجال حين يصل إلى مرحلة ما سيؤدي أى ثقب معه الغرض لإطفاء شهوته. رغم إنه كل أحلامى الجنسية دائما تنتهى بإغتصابى أو إيلامى جنسياً و أكون دائماً فى ألم, لم أحلم قط بشخص أحبه أو أريده, كل أحلامى الجنسية تكون بغرباء يهينونى أو يألموننى لسبب ما.  الحميمية معه مريحة و آمنة لأنى أعلم أنه ليس ملكى و لن يكون, فشخص مثله لا يمتلك حتى شىء ليعطيه, أعلم أنه كل ما أملكه منه هو بعض الساعات التى أكون معه فيها,  أعلم أن معظم البنات التى يعرفها إما واقعات فى غرامه أو على الأقل معجبين به لأنه يفعل ذلك مع معظم من يعرف, و لست مهتمة بم يفعل ولا مستاءة من نفسى , و لا ألومه ولا ألومهم, فهو حقاً رائع و يعرف كيف يتعامل مع أى أنثى و يعرف كيف يشعرها أنها إنسانة و ليست فقط منفذ لإخراج طاقته الجنسية حتى لو كانت حقاً مجرد منفذ, و هن من حقهن أن يشعرن بأنوثتهم و يعاملوا بحنان و عناية لأن هذا نادر ولا يحدث إلا قليلا

ألتفت إليه و أعترف له بأنه أول شخص يلمسنى منذ زمن بعيد, يعتقد أنى أقصد أول رجل لأنه يعلم عنها, أعترف له أيضاً إنى لم ألمسها أكثر من قبلة طبعتها بتهور على يديها لأننى لم أستطع أن أمنع نفسى و حضن سريع خبأتها فيه بداخلى أو أستخبيت أنا بداخلها بينما كان سائق التاكسى ينتظرنى بتململ, لا يندهش أو ينجع فى إخفاء إندهاشه, فأسترسل قائلة ربما أنا لست من محبى الجنسين, أعتقد إنى لا أحب أيهما و أتكاثر ذاتياً مثل الخميرة أو ربما لا أحب الجنس بشكل عام و أضحك, يبتسم بينما ينفخ دخان سيجارته على شكل حلقات و يقول  , لا تقولى هذا أنا أعلم تماماً أنه ربما بعض التجارب السيئة هى التى دفعتك لتقولى هذا أو ربما تكون هى كمان سبب إنجذابك لبنات جنسك, و لكنك طبيعية تماماً و لغة جسدك تفضحك كلما أقتربت منكِ, أضطرابك, عضلات جسدك تشد , يتورد وجهك و كلما أقتربت كلما أستطعت أن أشتم رائحة جسدك, أحسست فجأة بأن درجة حرارة الغرفة زادت عشرون درجة و هنا أبتسم و دنا منى و ظل يقبلنى لفترة ليست بقصيرة , يقبلنى كأنه مشتاق إلّي كأنه محتاج إلي, أغمض عينى حتى لا أرى عينه الخالية من أى شىء, لأنى أعلم أنه ليس مشتاق إلّى ولا يحتاج إلّي , ما يحدث هو شىء جسدى خالص, خالى من المشاعر و الروح, فهو حتى لا يعترف بوجود الروح, هو يعترف بجسد و جهاز تنفس و هرمونات و تفاعلات كيميائية داخل الجسم , و أظن أنه على حق فبينما كان عقلى يفكر فى كل ما أكتبه الآن كان جسدى يستجيب له بكل ما فيه من قوة, لسانى يحتضن لسانه و يدي تعبث بالشعيرات القليلة فى ظهره و و عيناي تنظر له و لى و كأنها ترانا من مسقط أفقى, كأنها تضحك منى و مستمتعة برؤيتي مستلقية تحت غريب لا يحبنى ولا أحبه, أفكر فى قريبة أصبحت أشعر بالغربة فى حضورها, وجودها لم يعد يشعرنى بالأمان, بل لم أعد أشعر حتى بوجودها حتى و نحن نتكلم , فوجئت منذ يومين أننى أخذت حوالى ثلاث دقائق حتى أتبين من هى فى صورة جديدة لها, لم أتعرف عليها, نعم كنت أعرف أن هذه هى و لكن لسبب ما شعرت أنها لم تعد تشبهها, فقدت جزء منها فلم أعد أشعر أننى متأكدة من هى, و بينما يعبث لسان و فم هذا الغريب بأُذني أكتشفت أننى عرفت ماذا فقدت هى, فقدت الجزء الذى كان يحبنى فيها, هى لا تكرهنى أكيد و لكن بيننا جبال ثلج أعلم تماماً أنها لن تذوب لأنها لا تريد, و تنتهز كل فرصة لتتحدث عن كيف أنى مدمنة للمشاعر و عن شخصيتى البندولية التى تتأرجح بين يوفوريا من الحياة و ميول إنتحارية و ربما أكون كذلك و لكن لا أرى أين المشكلة فى أن أكون محتارة تائهة فى ذاتى و فى عالمى, لم علي أن أكون ثابتة على موقفى تجاه شىء ما و من أنتي يا حبيبة القلب لتصدرى أحكامك المسبقة على شخص عمر لقائكم أربع ساعات و حضن, و حتى لو كنت هكذا , لم لا تريننى بعين المحبة أو حتى عين الذكريات الجميلة , لم لا تتذكرى كيف أحببتك, لم لا تفكرى فى أول كلمة بحبك, لم تملين فراغك بكل ما تكرهينه فى, لم تكرهين أى شىء فيا بالأساس, أوليست مرآة الحب عمياء أو على الأقل غفارة للعيوب, حتى و إن كان رصيدى من الحب فى قلبك نفذ, هل نسيتي كل شىء كان بيننا هكذا؟ هل نسيتى كم كنتى تكرهين أن تظلى مستيقظة و أنا غافية, هل نسيتى يوم حلفتينى الا أتركك مهما حدث و يوم تركتك ذكرتينى بهذا الوعد و ظللنا محدقين فى شاشات هواتفنا نبكى على حالنا سوياً حتى عدت إليكى كما يعود الإنسان لأصله - التراب - بعدما يموت , نسيتى أول مرة سجلتلك رسالة بصوتى و أرسلتها لكى ؟ هل ما زلتى تحتفظين بها على هاتفك أم مسحتيها مثلما مسحتينى من حياتك, أتعلمين أنى ما زلت أتذكر ردك أول ما سمعتيها حين تركتى كل شىء و علقتى على صوت زياد رحبانى الذى كان يلعب فى الخلفية عندى و يغنى بلا ولا شى, ثم قلتى أنك وقعتى فى غرام صوتي من أول ما سمعتيه؟ و فى نفس هذه اللحظة كانت الأغنية تقول " حبينى و فكرى شوى " , أتعلمين أنى أستمع إليها الأن لا أعلم لماذا .. حبينى و فكرى شوى .. أو حبينى و متفكريش .. أو متحبنيش .. فلم أعد أنتظر أى شىء فى المقابل , لم أعد أريد أى شىء منكِ, لم أعد أضع خطط قصيرة ولا طويلة المدى لنا , لم أعد أحلم بالمرة القادمة التى سأراكى فيها, لم أعد أحلم بطعم شفتيك , لم أعد أحلم من الأساس, زهدتك و زهدت العلاقات كلها و ثقلها الذى يكسر ضلوعى, أريد أن أكون خفيفة على نفسى قبل أى شىء, أريد أن ألا أهتم بأبعد من هذه اللحظة,  و الآن أنا أقبل شخص لا أكن له الحب, بكل حب, لا أعلمكم مر من الوقت و لكن ها هو راقد بجانبى بعينين مغمضتين و أنا أتأمله أثناء نومى , أقبل جبينه و يده الناعمة ذات الأصابع الرفيعة, و أرتدى ما خلعه عنى و جزء منى يحاول البحث عن إجابات لكل الأسئلة التى كنت أسألك إياها منذ قليل فينتبه لشرودى و هو نصف مغمض و يسألنى ماذا بى و إذا كنت أشعر بإنى على ما يرام؟ و لسخرية القدر , أسمع صوت زياد رحبانى آت من حاسوبه الإليكترونى و هو يقول : لا تسألنى شو حاسس, وقفنا الشعور, وقفنا العواطف و خصوصى الحنين , أضحك على الطريقة التى يعبث بها القدر معى , أقذف له قبلة فى الهواء و أنا أترك له نصف ما فى حقيبتى من مال لأنى أعلم أنه لا يعمل و ربما يحتاج لأى شىء, أو ربما لأنى أريد أن أشوه حميمية ما يحدث بينى و بينه بالماديات, أعلم أنه لن يستاء ولا أى شىء, فهو لا يعمل و أنا شبه متأكده انه يعيش على الأشياء التى تجلبها له صديقاته اللاتى يشاركننى فى حميميته و حضنه و قبلاته و سريره, و لكنى أردت أن أقنع نفسى بأنى واحدة منهم , يقترب منها و يعطيها ما يظن أنها تحتاج فقط لكى تغدق عليه بشىء يساعده على إجتياز يوم آخر .. لا يهم فأنا لا أهتم بالمال كما لا أهتم لأمره, سأتركه و أرجع مرة أخرى لعالمى و لكن بمرارة اللاشىء الحلوة على شفتاي و بعض العضات الخفيفة التى تهمس تعاليم اللامبالاة فى أذنى. إلى لقاء آخر يا عزيزى الخفيف ذو الأصابع النحيلة و الروح المرهقة التى تنكر وجودها 

6 comments:

  1. اخر 3 مواضيع من اجمل ما قرأت منذ أسابيع

    ReplyDelete
  2. enty gamila bs msh shayfa dah kefaya , kolek 2alam w dah msh me2alel mn gamalek bl 3aks ! dah eli beyedi barik lel 3ein w yo3len 3an wegoud 7ayah ! :)

    ReplyDelete
  3. كل أحلامى الجنسية تكون بغرباء يهينونى أو يألموننى لسبب ما.
    دا حاجة بديعة، هتكتشفي قيمتها قدام :)

    ReplyDelete
  4. أنا عندي 17 سنه, و مهتم بكل اللي بتكتبيه, و بلاقي نفسي في مواضيع كتير,و بستمتع بقراءة الباقي.

    ReplyDelete