Thursday 14 February 2013

حان وقت قص الطروف

كانت اطول ثلاثون دقيقة فى حياتى , حينما ظل يملى على مسامعى كم اننى لا أستحق و كيف اننى لم أعطه اى شىء و لا أى سبب ليبقى معى سوى انه يحبنى , و هذا أيضا لم اكن أنا سبب فيه , فهو يحبنى لأنه يحبنى ليس لأنى جديرة بهذا الحب و ظل ينتقض و ينتقض حتى فوجئت اننى مازلت أستطيع البكاء , ظللت أقرأ كلامه و هو يتمادى فى إهانتى و كم أننى لا أستاهل حبه و حجته على ذلك اننى تركته و نمت ثلاث مرات من دون أن نتحدث و لا أعلم كيف أحتويه او أحتوى غضبه او أقدر ما يفعله و التضحيات التى لا أستاهل نصفها , لا أعلم لم كنت أبكى وقتها , لا أعلم ان كنت أبكى لأنى مظلومة و انى حقاً كنت ألوم نفسى على تقصيرات غير مقصودة , أم أنى أبكى لأنى كنت قررت أن أكون أفضل معه و له و قابلنى هو بالصد و الرفض أم كنت أبكى لأننى تحملت منها أضعاف ما فعلته انا معه و حين تكلمت مرة قالت أننى أجرحها و أدمرها هكذا حين ألقى عيوبها بوجهها و منذ وقتها لم ألومها على أى شىء لأنى لم أتحمل أن أكون أنا سبب كسرتها لأى سبب كان
حاولت ان أفسر له أننى فقط كنت أتصرف على طبيعتى و أنى لم أقصد قط أن أقصر معه و لكن هذا أنا , فأنا لا أعرف كيف أهتم و كيف أكون فى علاقة طبيعية جداً لهذه الدرجة رد بعصبية أكثر و قال : ما أنا بتاع نسوان أروح أصاحب عليكى و أقولك أصل أنا كده 
لم أعرف كيف أرد على هذا , فحاولت أن أفهمه - فى لهجة راجية -  أنى أحاول من أجله و بالفعل أنا أتغير من أجله الأن و لابد أنه لاحظ هذا الأن فقابل رجائي ببرود و قال : بعد أيه ؟ 
بدأت أشعر بالمهانة و الأنكسار فطلبت منه أن يرحل إذا أتعبه البقاء معى , يرحل و يتركنى لأحب أنا نفسى و أتقبلنى لأنه منذ عرفته و أنا أعتذر عن كل شىء أنا أكونه , و أنا أحاول أن أتغير من أجله لأنى لم و لأن أكون جديرة بحبه و لن أكون جيدة بالنحو الكافى فى عينه أبدا , فمنذ عرفنى و هو منتظر منى أن أكون صورة لشخصية خيالية هو يراها في , ربما كنتها فى يوم من الأيام و لكن ولت هذه الأيام .. ظللت أطلب منه الرحيل و أصر ان يتركنى و يكون مع شخص يناسبه و يقدر تضحياته قال أنه يحبنى قلت أرحل قال أنه فقط سأم من محاولاته معى قلت أرحل و لا تحاول فأنا لم أطلب منك أن تحاول قال أنه يحبنى و لذلك سيتجاهل كل ما أقوله الأن و سيذهب للنوم ربما يستيقظ بحال أفضل
ظللت أبكى و أبكى و أبكى و أنا لا أعلم لماذا , فأنا أعرف جيداً أننى لم أتعلق به لهذه الدرجة و لكننى لسبب ما شعرت بالأنكسار و الأنهزام , حاولت أن أتصل بها لأتحامى فيها منه فقالت ليس الأن و أنها ستحدثنى بعد قليل فوافقت و أنا أعلم تماما أنها لن تفعل و لم تفعل , زاد بكائي و نحيبى و صرت أرتجف خوفا و أريد أن أحتمى بأى أحد , أريد حضن أبى , أريد أن أشعر بالأمان , أريد أن أنتمى , أريد أيمانى بالله أن يرجع , أريد أن اؤمن بشىء ما , أريد أن أشعر اننى جزء من شىء كبير , أريد أن أصدق ثانية اننى إن توضأت و سجدت و ركعت مرات متتالية ستجد الطمأنينة طريقها إلى قلبى , أريد أن أكون طبيعية , أريد أن أكون طبيعية , أريد أن أكون طبيعية , أريد أن أسترجع تفاهتى و أحلامى المراهقة , أريد أن أجمع كل كتبى و كتاباتى لأحرقها و أنساها , أريد أن يكون كل طموحى هو رجل يجعلنى أماً لأولاده , أريد أن يكون أملى هو رضا ألله علي , أريد أن أفقد كل ما يميزنى عن الأخرين , أريد أن أتحرر من لعنة التفكير التحليلى لكل شىء , أريد أن أكون شخص ما غيرى , فى مكان ما غير هذا , أريد الطمأنينة و السلام الداخلى و كل هذه الأشياء التى يحكون أنها لا تُشتري بمال , أريد أن أكون من أبناء الرب و ليس ابناء الشيطان , أريد أن تكون لى مبادىء و إيمان لا يهتز , أريد كل ما يبخل به الرب علي
خبا صوت نحيبى و صار مجرد نشيج مع بعض الأنفاس المتقطعة , أبحث عن علبة سجائرى لأسرع موتى البطىء هذا قليلاً , أشعر بطعم النيكوتين الممزوج بالدموع يملأ رئتى و اتمنى لو كانت دموعى بحراً أغرق فيه , أريد أن أشعر برئتاي و الماء يدخلها بينما تفارقها الحياة , أريد أن ألفظ أنفاسى الأخيرة تحت الماء بعيدا عن ضوضاء المشاعر الأنسانية ..أريد الهدوء .. أريد للأصوات التى بداخلى أن تصمت .. أريد الراحة الأبدية
أستيقظ ولا أتذكر كيف او متى نمت , أسعل بسبب النيكوتين و اللا شىء الكثيف الذى يملأ صدرى , أجد رسالة منه بأنه يحبنى و أنه يحاول أن يتجاوز ما حدث بيننا حتى نعود كما كنا , أقول أنها علامة , فهو من سيساعدنى أن أكون طبيعية مرة أخرى , هو من يستطيع أن يمنحنى البيت و الأسرة الطبيعية التى لم أحظى بها يوما ما , هو من سيملأ فجوات روحى بالأشياء التافهة و طموحات الناس الطبيعية كالأولاد و شاليه فى مارينا و هو من يستطيع أن يحول أسئلتى الوجودية عن الرب و الحياة بشكل عام إلى ماذا سأطبخ له غدا و أى قميص نوم سألبسه له يوم الخميس , أتصل به لأقول أنى أفتقدته و أنا أعنيها حقاُ , لسبب ما أشعر بحنبن جارف تجاهه ليس له شخصيا و لكن لأنه يمثل كل ما هو طبيعى , و يرد أنه أفتقدنى أيضا و لكن بشىء من الفتور , و فجأة أجدنا نتحدث كالغرباء و يقول أنه سيحتاج بعض الوقت فقط كى يعود لطبيعته , و لكنى أعى تماما أنه أحيانا بعض الشروخ مهما كانت طفيفة قاردة على إحداث صدع كبير فى العلاقة بين إثنان , و لأن روحه فارغة فأن خلاف تافه مثل الذى حدث بيننا كان قادر على كسر شىء بيننا , فجأة أفقد رغبتى فى الحديث معه و أريد لتلك المكالمة أن تنتهى لأننى أدركت أن العد التنازلى لهذه العلاقة التى كانت بيننا أياً كانت قد بدأ
هذه المرة لم أشعر لحاجة للحديث معها , ربما لأنى أعلم أنها فقط ستخيب أملى بردودها كالعادة فسينتهى بى الأمر أسوأ حالا , و لكنى وجدتها هى تتحدث بعدها بفترة لتخبرنى أنها لم تخرج , فسألتها مازحة لماذا , هل لغى معاده معك ذلك الذى لم تخرجى معى اليوم بسببه ؟ فردت مازحة هى الأخرى بالإيجاب , أرسلت أيها صورتى أنا و أمى و قلت و أنا خرجت مع أمى يوم عيد الحب حتى لا تشكى أننى ربما أكون قد كذبت عليكى و خرجت مع صديقى الأخر الذى لا تعلمين عنه شيئا
قالت : لم أشك
قلت : ليه ؟
 معرفش , و انتى كنتى شاكة فيا لما قولتلك انى خاجة انهاردة مع أخويا ؟
  قلت : أنا ممكن أشك فى أمى
سألتها : مى , هو أحنا أيه ؟ 
 معرفش
 طب أنتى معايا ليه ؟ بتحبينى ؟
 معرفش
أومال مين اللى يعرف ؟
   معرفش
علاقتنا بدات تبقى صداقة أكتر من اتنين بيحبوا بعض , مى هو احنا أصحاب ؟
معرفش
انتى مبقتيش تحبينى
دينا مش وقته, مش قادرة اتخانق دلوقتى
بس أنا مش بتخانق , أنا مبقتش عارفة ولا واثقة أنك عايزانى بجد , هو انتى لسه عايزانا نفضل سوا ؟
معرفش
خلينا أصحاب يا مى , كفاية كده
......
أنا تعبت و مبقتش قادرة أفضل كده
هل ده هيريحك؟
اه , هيريحنى و مش هحس بفرق كبير لأنك أصلاً مكنتيش موجودة فى حياتى عشان أفتقد وجودك بعد كده
يعنى مش عايزة تكلمينى تانى ؟
لأ هكلمك عادى , أنا وعدتك انى دايما هبقى موجودة عشانك و هفضل , أحنا أصحاب
هو انتى سبتينى يوم عيد الحب ؟
أنتى سبتينى قبلها بكتير , انا بس قولتها بصوت عالى
طب تعالى أحضنينى حضن صُحاب
وقت تانى
بطلتى تحبينى ؟
بحبك بس مبقتش عايزاكى
هتحبى حد تانى ؟
معرفش
زعلانة منى ؟
معرفش
طب زعلانة عمتاً ؟
معرفش

لم أشعر بشيء , لم أشعر بأى شىء , تخلصت منهم هم الاثنان بدون أى شعور كما أتخلص من أطراف شعرى التى تقصفت , وقفت أمام مرآتى و نظرت لوجهى الخالى من أى تعبيرات , مسكت المقص و قصصت بعض أطراف شعرى فقط لأتأكد من أنه نفس الشعور . نعم هو , هما الأثنان لم يكونا أكثر أهمية من أطراف شعرى , حمل زائد و ثقل لا أهمية له سوى بعض الطول الوهمى . تلك الشعيرات التى و أن زادت شعرى طولا أعلم جيداً انها تقلل من كثافته و تجعله فارغ , كما فعلوا هم بى أعطونى شعور وهمى بالأمان و ثقل فارغ .. لملمت شعيراتى المقصوصة و لملمت بقاياهم من داخلى و فتحت شباك غرفتى و حررت شعراتى  من قبضة يدى و حررتنى من خيبة املى فيهم . تنفست نفس عميق لأستنشق ما أقدر من هواء الفجر الممزوج بالحرية ثم أغلقت شباكى و توجهت إلى سريرى بشعر أكثف و قلب فارغ
            

No comments:

Post a Comment