Friday 8 February 2013

She's my lost home.

البارحة تخلصت من ورم قلبى وزنه 65 كيلوجرام يدعى مي. قلتها أخيراً انفجرت بها و أستئصلتها من داخلى و ألقيت بها خارج قلبى. مشادة كلامية عنيفة لم أتوقع ان نصل لها أبدا و كانت نتيجتها أن ننهى تلك المهزلة التى نعيشها منذ خمسة أشهر. لم أبك ككل مرة و لم أشعر بأى شىء تظاهرت أن كل شيء على ما يرام  أو حقا كان كل شىء على ما يرام لم أكن متأكدة فقررت أن أنهى هذا اليوم قبل أن ينتهى بمحض أرادته
أستيقظت قلقاً حوالى الساعة الخامسة صباحاً لسبب ما فتحت شباك الغرفة و قررت أن أحرق بعض السجائر حتى أنسى هذا الحريق الذى يشب بداخلى. أتنفس بصعوبة و أحاول أن أدفع نفسى للبكاء و لكن أفشل , هذه المرة غير كل مرة و ألم خسارتها للأبد أكبر من أن أعبر عنه بالكلمات أو الدموع ففضلت أن أصمت ربما لأنه هوايتها المفضلة. أسرح فى الدخان الذى أنفخه و أراه يتلاشى فى الهواء كما تلاشت هى و كل من أحببته من قبل, أتأمل السيجارة أكثر و تجتاحنى فجأة رغبة فى حرق نفسى بها و إيلامى بسبب ما ربما لأنى أريد أن أشعر بأى شىء و أخرج من حالة الجمود التى أصابتنى ثم أطفى السيجارة و أتذكر أن أطفئها جيداً لأن مى تكره عادتى فى ترك عب السيجارة يحترق لفترة حتى تنطفأ هى من تلقاء نفسها
أنام على سريرى و أتأمل السماء من الشباك المجاور له, ألاحظ أن السماء جرداء و ليس بها اى نجوم , أشعر أنها تحاول أن تنبئنى بأيامى من بعد مي. فقد كنت أشبهها دائما فى كتاباتى بالنجوم فى نورها الذى يضوى عن بعد حتى و ان لم تكن قريبة. و هذا حقيقى من دون أى مبالغة فقد أحببتها لأربع أشهر عن بعد من دون حتى أن أعرف ملمس يديها ولا دفىء ضمتها و يا ليتنى ما عرفت
أتنهد بصعوبة كأن أحدهم وضع حجر صوان على صدرى, ثقل و دخان متصاعد من حريقة منتهية يصعبان على التنفس حد الأختناق , لم اكن اعلم انكِ أخف من الفراغ يا عزيزتى و ربما كانت هذه مشكلتنا أنكِ من هواة الخفة و من جماعة العابرون سريعاً الذين لا يتركون بصماتهم فى أى مكان و لكن فقط بعض الغبار المشبع بعطرهم ليقوم بدوره بعد فترة فى إثارة الحنين أما أنا معك كنت من محبين الثقل, أردتك أن تهبطى على مثلما تهبط طائرة فى مطار بعد أخر رحلة لها, أردتك أن تتخلى كل خلايا جسدى و كل خبايا روحى , أردتك أن تقتربى منى حد الاندماج بى , أردتك أن تتنفسى عطرى و تتغذى على شفايفى , أردت أن اكون لكى كل ما تحتاجينه أكون لكى أماً حنون تستغيثى بحضنها وقتما يقسو عليكى العالم و أن أكون أباً أفضل من أبيكى الذى لا تتفقى معه لأكون سنداً لكى فى كل أحتياجات معيشتك أردت الكثير يا حبيبتى و لكن للأسف أنت لم تمنحى سوى القليل رغن انى لم اكن أريد سوى فرصة لم أرد سوى ان تعطينى فرصة أن أكون لكى كل شىء و للأسف بخلتى عنى بهذا لا أعلم لم تركتينى أعيش فى ظلال قلبك و ليس فيه .. حقاً لا أعلم لم أهدرتى فرصة سعادة تحتاجيها أنتى أكثر منى .. حقاً لا أعلم يا مى 
أرتدى ملابسى على ملل و أذهب اعملى الذى أمقته و لكن أذهب مضطرة كما أفعل كل شىء مضطرة , أمشى بخطوات مضطربة غير واثقة الرؤية مهزوزة فى عينى و أشعر أننى أنظر ولا أرى , فراغ مكانك الذى لم تملأيه يوماً يثقلنى و يشعر روحى بالشلل , أصل الى محل عملى متعبة مرهقة كمن تسلق جبلاً لتوه إنهاك روحى و عطب قلبى بادِ على ملامحى , أجلس لأتأمل أحدى زميلاتى فى العمل أثناء التدريب الذى نأخذه اليوم , هى ليست زميلتى تحديدا بل هى منسقة هذا التدريب ممن يتقاضون المبالغ الخرافية شهرياً , على وجهها طيبة لا تغفلها , تشتكى من  ألم بظهرها و أقول  فى نفسى بسبب وزنك أكيد , لأنى أرجح أن وزنها لا يقل عن المائة و العشرون كيلوجرام و هذا كثير جدا على طولها , أظل أتأملها و أتأمل حركات يدها و جسدها و هى تتحدث و طريقة كلامها و كل تفصيلة صغيرة فيها قد تكون هى نفسها تجهلها , أكرهنى حين أحلل الشخص الذى أمامى و أفتت كيانه إلى دوافع و نتائج و مخاوف و عقد طفولة , ربما هى لعنتى ككاتبة - أو كمحبة للكتابة كى لا أضع نفسى فى مرتبة كتاب كبار - التى تجعلنى دائما أتأمل أى شخص يجلس بجانبى  أو يعبر من أمامى محاولة أكتشاف قصته و معرفة ما هى مأساة حياته ربما أكتب عنه يوما ما 
أكره كم أستغل كل من يدخل حياتى فى سطورى و كلماتى و أشعر أنى أستغلهم , أعترف انى أدخلت الكثير من الناس حياتى و أستمعت لهذا و طبطبت على هذه فقط لأنى ربما أمسك منهم بداية قصة جديدة و حتى مجرد قصة قصيرة , مي ستكون روايتى الأولى , تلك الرواية التى ستنقلنى من مجرد مُحبة للكتابة إلى كاتبة مخضرمة فقد أعطتنى الكثير من خيبات الأمل لأكتب عنها الكثير من الأمنيات التى لن تتحقق و الأحتمالات التى لن تتحول إلى حقائق بعد اليوم , أشرد عن كل من فى الغرفة معى بالعمل و أفكر فى مي و علاقتى الشاذة بها , و لكنى لا أقصد شذوذ من ناحية جنسية فأنا كل ما أردته منها هو حضنها الدفىء و ضمة يدها ليدّى فى أحد شوارع مدينة نصر الجانبية, لم أرد منها القصة أو الإلهام رغم أنها ملهمة معظم كتاباتى , كل ما أردته هو أنا و هى فى مكانها المفضل فى بيكيا الذى أكرهه و لكننى أحبه فى نفس الوقت لأن به رأيتها, أحتضنتها و قبلت يدها خلسة و نحن نتشارك سيجارة نفس نفس خارجه , أتنهد و أكره اننى أشعر ان هذه ليست النهاية بعد و أكره أننى لا أعلم لم أفتعلت ذاك الشجار معها بسبب غيرة ذكورية أجتاحتنى فى لحظة ما , أكره كل من يتعامل معها أو يكلمها غيرى و لا أتحمل أن أعلم انها رأت هذا او تكلمت مع هذه فى التليفون , أكره اى شىء تفعله من دونى , أكره مشاركتها مع اى شيء و تزداد غيرتى خصوصاً انى لم أتذوقها و لم أنغمس فيها بما فيه الكفاية , لم تشبع أذنى من صوتها فى التليفون فى هذه المكالمة التى تحدث دون ترتيب كل أسبوعين أو أكثر , لم تشبع عينى بعد من رؤية نظرة الخجل التى تلمع فى عينيها كلما حملقت إلى ثديها ليس رغبة منى فيه و لكن رغبة منى فيها كلها,  لم يشبع جلدى من اللمسات التى تحدث دون تخطيط فترتجف هى بينما أشعر أنا بالرغبة تجتاحنى من أعماق الرحم لتخرج على هيئة نفس ساخن مختلط بدخان السيجارة التى نتقاسمها , أشتاق لنظراتنا المضطربة حينما تتقابل عينانا و نحن على مقربة من بعض فأقبلك بعيناى و أنفاسى التى تعلو تبجيلاً لك يا حفيدة إيزيس .. أفتقدك .. حقاً أفتقدك و أفتقد ذكرياتنا القليلة التى حدثت و الكثيرة التى لم تحدث بعد و ربما لن تحدث أبدا
أكتب إليكى الأن من سريرى الذى طالما أحتضنت إحدى وساداته مُتخيلة أنها أنتى , خرجت عن صمتى فقط لأكتب هذه المشاعر التى فاضت من داخلى على هيئة كلمات و جُمل ..اجلس اراقب عقارب الساعة و هى تسجل تلك الساعات التى تبعت رحيلك او رحيلى لا يهم فكلهُ رحيل و لست متأكده أن كنت أريدها أن تنتهى او أن لا تنتهى أبداً    

2 comments: